رويدا العربي- هي تتحقق
ضربت عاصفة “دانيال” مدينة درنة الليبية الإثنين الماضي مُخلفة آلاف الضحايا وأضرارًا جسيمة. متسببة بفيضانات هائلة جرّفت أجزاء واسعة من المدينة، مما أدى إلى تدمير المنازل والبنية التحتية.
وفي ظل هذه الكارثة الإنسانية، تداولت عدة حسابات عدة منشورات تدعي أن جثث الموتى اللذين قضوا نتيجة الكارثة يمكن أن تنقل الأمراض والأوبئة.
وجاء في نص الادعاء المتداول والذي نشر هنا و هنا التالي:
مياه الابار والجوفية ف درنة لازم يتجففن ومياه التحليه يوقفوا من شربهن يلي غادي، وهذه حاجة مهمة ومحد فاطنلها البنيه التحتية تشرّبت من الجثث وخشن ميه الصرف الصحي وبقايا الارض ع المياة الجوفية حنخشوا ف أوبئة لها اول ما لهش أخر
محد فاطن للحاجة هذه، (الحمّه التيفودية حمّه الدنك الحصبه وغيرها) ، بيئه درنة غير صالحة للإستعمال الأدمي، حتى بنسبه لفرق الانقاذ لازم يتوقضوا عشان حيمرضوا بأمراض خطيرة ومُعديةإلىٰ حد كبير جدً وحيقعدوا يموتوا الناس فجأة لازم يوفروا التطعيمات مع الامدادات بشكل مستعجل لان حجم الكارثة حيتفاقم وليبيا كلها حتعدي .

تقييم الادعاء ” مضلل”
الأمراض تنتقل بين الأحياء
فريق she checks تقصى عن هذا الأمر مستعينا بما جاء على لسان د.حيدر السائح مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض والذي أكد أن “جثث الموتى غير ناقلةٍ للعدوى الوبائية فالأمراض تنتقل بين الأحياء وليس بين الأحياء والأموات إلا في حالات نادرة”
وأكد السائح في الوقت نفسه على ضرورة أخذ فرق الإنقاذ والمتواجدين في المدينة الاحتياطات التي تجنبهم شرب مياه الأبار التي يمكن أن تكون تلوثت بفعل الفيضان.
لا يستند إلى أسس سليمة
وكان فريق she checks قد توصل لبيان نشر اليوم من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (الاتحاد الدولي) واللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) ومنظمة الصحة العالمية، جاء فيه “إن التنامي الهائل لأعداد الوفيات بسبب الكوارث والنزاعات، يولّد خوفاً لا يستند إلى أسس سليمة ولغطاً بشأن تداعيات وجود الجثث. ومن المهم بالتالي أن تكون المجتمعات المحلية مزودة بالأدوات والمعلومات التي تحتاجها لإدارة الجثث بشكل آمن وكريم”.
وجاء في البيان نفسه إن ” جثث الأشخاص الذين توفوا بعد إصابتهم بجروح في كارثة طبيعية أو نزاع مسلح، لا تشكل إلا في ما ندر، أي خطر صحي على المجتمعات المحلية. وهذا لأن جثث الضحايا الذين قضوا بسبب التعرض لرضح أو الغرق أو الحريق لا تأوي عادة كائنات تسبب أمراضاً، إذا اتخذت الاحتياطات اللازمة. ويستثنى من ذلك الوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية مثل إيبولا وماربورغ أو الكوليرا، أو حين تحدث الكارثة في منطقة تتوطن فيها مثل هذه الأمراض المعدية”
الكائنات العضوية المسببة للعدوى لا تعيش أكثر من يومين في جسم الميت
ووفقا لروبرتو بارا وهو طبيب شرعي يعمل منسقًا لخدمات الطب الشرعي الإقليمي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر:
“أغلب الكائنات العضوية المسببة للعدوى لا تعيش أكثر من يومين في جسم الميت. الاستثناء الوحيد في هذا السياق هو فيروس نقص المناعة المكتسب، إذ إن الفيروس في هذه الحالة يظل حيًا داخل الجسم بعد الوفاة بستة أيام. في حالات مثل الإيبولا والكوليرا يُحتمل أن تجد بين الجثامين وانتشار المرض، لكنها تظل احتمالات هامشية. لكن يظل الناس العاديون بمنأى عن الإصابة ما لم يلمسوا الجثث”.
ويضيف بارا في لقاء أجراه مع مجلة الإنساني التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر عام ٢٠١٨: “احتمال انتقال الأمراض المعدية إلى من يتعامل مع الجثث ضئيل جداً. وفي الحالات التي تتطلّب تعاملًا استثنائيًّا، يجب اتخاذ تدابير خاصة للمحافظة على السلامة الحيوية”.
ماهي الأوبئة وكيف تنتقل؟
وفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر فالوباء “هو زيادة غير متوقعة، وغالبًا مفاجئة، في مُعدَّلات الإصابة بمرض مُعيَّن داخل مجتمع محلي ما أو منطقة ما”
و يمكن أن تنتقل الأوبئة عن طريق الهواء والماء والغذاء والنواقل (الكائنات الحية، مثل البعوض أو القراد) و/أو تبادل سوائل الجسم.
وفي حالة كارثة فيضان درنة ونظرا لكون الضحايا توفوا نتيجة الغرق وليس نتيجة المرض فلا يمكن أن تتسبب جثثهم في نقل العدوى للأحياء.
وبالاستناد لكل ما سبق مايتم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي من إمكانية نشر جثث الضحايا للأوبئة هو غير سليم ومضلل ولا يستند لأي دليل علمي يمكن الوقوف عليه.
أخبار الأوبئة المضللة تعزز الفوضى
ووفقا لرئيس تحرير منصة نورني المختصة بتدقيق المعلومات الطبية “د.أحمد الزعيليك” :
الأخبار االمضللة التي تربط بين الجثث و وانتشار الأوبئة خطيرة جدا، ويمكن أن تسبب اليأس والفوضى وانعدام الأمن، وتقود الأشخاص المسؤولين عن اتخاذ القرارات إلى ارتكاب أخطاء جسيمة لا يمكن تدارك عواقبها كدفن الجثث مثلا دون أخذ عينات منها وبشكل عشوائي وهو ما حدث فعليا في الأيام الأولى من الكارثة التي حلت بمدينة درنة.
دفن الجثث في المقابر الجماعية غالبا ما يسبب أضرارا نفسية على المدى الطويل لأقارب وأحباء الضحايا ويشكل تحديا أمام السلطات لكشف هويات الضحايا والمفقودين بحسب أحمد الزعيليك.
وأوضح الزعيليك أن المعلومات المضللة بمختلف أنواعها تسبب مشاكل كبيرة وتزيد من الأضرار البشرية والمادية والنفسية خلال فترات الأزمات والكوارث الطبيعية حيث أنها تؤثر بشكل سلبي على سلوك الناس وتؤدي إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بتعامل السلطات وإدارة الأزمة خلال الكوارث نتيجة لعدة عوامل من بينها تفاعلات الناس مع الأخبار المضللة واتخاذ القرارات الخاطئة بناء على معلومات غير دقيقة.