إيلاف شبش-هي تتحقق
منذ مطلع عام 2025، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي في ليبيا وتحديدا Facebook سلسلة من المنشورات المثيرة للجدل، ادّعت تورط نساء في أعمال عنف شديدة ضد الرجال، تراوحت بين الضرب بـ”بالة” (مجرف) والسطو المسلح والطعن. وقد أظهرت هذه الروايات النساء في موقع المعتديات، والرجال كضحايا، ما أثار موجة من التفاعل والسخرية والجدل.
ومع تزايد تداول هذه الادعاءات، بدأت منصة هي تتحقق في التحقق من مدى صحتها. وفيما يلي نعرض أبرز هذه المنشورات ونقدّم الأدلة التي تكشف زيفها أو تحريفها:
رجل يتعرض للضرب بمجرف من قبل زوجته
بتاريخ 20 يناير 2025 بدأ منشور يتحدث عن ضرب زوجة لزوجها بمجرف ينتشر عبر عدة حسابات وصفحات على منصة فيسبوك في ليبيا.
وجاء في نص الادعاء المتداول:
“وصل رجل إلى مستشفى ترهونة فى حالة خطيرة بعد أن تعرض للضرب ب “بالة” من قبل زوجته فى منطقة الداوون وذلك عقب استلامها خبر بحثه عن زوجة ثانية”

هذا الادعاء زائف
بعد انتشار الادعاء بفترة قصيرة أصدرت مديرية أمن ترهونة بيانا نفت فيه وقوع حادثة شبيهة في المدينة.
وجاء في البيان الذي نشر عبر حسابها الرسمي على موقع فيسبوك: الأخبار المتداولة عبر بعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن اعتداء زوجة على زوجها بأداة حادة وإصابته بجروح خطيرة أدت إلى نقله للعناية الفائقة هي أخبار عارية تمامًا عن الصحة.
إلى جانب ذلك لم تنشر أي جهة ذات موثوقية الخبر.
إمرأة تسطو على محل مجوهرات
وبتاريخ 19 فبراير 2025 انتشر ادعاء آخر حول قيام إمرأة بسطو مسلح على محل مجوهرات في العاصمة الليبية طرابلس.
الادعاء الذي تم تداوله على شكل مقطع فيديو لامرأة تمسك سلاحا ناريا في يدها وتهدد الشخص الموجود في المحل انتشر مرفقا بالنص التالي:
“عملية سطو مسلح من قبل امرأة على محل مجوهرات في مدينة طرابلس”

ولكن هذا الادعاء زائف
بعد نشر المقطع من قبل الحساب الرسمي لمحل المجوهرات مع الإشارة لكونه يظهر عملية سطو مسلح ، نشر حساب المحل منشورا أخر نفى فيه الأمر، مشيرا إلى أنه جزء من حملة دعائية خاصة بالمحل.

ويمكن الاطلاع على منشور المحل الذي يوضح حقيقة الفيديو هنا
زوجة تطعن زوجها في ظهره
تداولت عدة حسابات على منصة فيسبوك صورة أرفقت كتعليق على منشور تحدث عن قيام امراءة بطعن زوجها في ظهره.
وجاء في نص الادعاء “كارثة في مدينة ترهونة زوجة تقوم بطعن زوجها بظهره بسكين حاد وحالته حرجه”

ويمكن إيجاد الادعاء هنا
ولكن هذا الادعاء مضلل
بعد البحث العكسي باستخدام Google Lens، تبين أن الصورة المرافقة للحادث ليست من ترهونة، بل تعود لحادثة طعن وقعت خلال شجار في بغداد. كما ادّعت صفحات أخرى أن الحادث وقع في منبج بريف حلب في سوريا، بينما زعمت بعض المصادر أنه حدث في ليبيا، ما يعكس التضارب الكبير في المعلومات.

وكانت منصة “تأكد” قد عملت على نفس الادعاء ويمكن إيجاده هنا
زوجة ترشق زوجها بإبريق شاي
وبتاريخ 16 من مارس 2025 انتشر ادعاء أخر يتحدث عن قيام إمراءة برشق زوجها في وجهه بإبريق شاي في مدينة الزاوية الليبية.
وجاء في نص الادعاء:
“امرأة ترشق زوجها ب أبريق الشاي على وجهه ، بعد السخرية منها و الصراخ عليها بحجة ان الشاي بارد فقامت بسكب إبريق الشاي على رأسه و وجهه و يديه …
واصابته بحروق بالغة تم نقل الرجل إلى المشفى الزاوية ”

ويمكن إيجاد الادعاء هنا
ولكن هذا الادعاء مضلل
أظهر البحث العكسي باستخدام Google Lens أن الادعاء ذاته سبق تداوله في عام 2022، ويمكن العثور عليه في مصادر متعددة. كما تم رصد تداول الصورة في بلدان أخرى، منها العراق (بغداد)، دون تسجيل أي حادثة مماثلة وفقًا للمصادر الرسمية. وبعد مراجعة مواقع وزارة الداخلية العراقية والشرطة المجتمعية، لم يتم العثور على أي بيان رسمي يؤكد صحة الادعاء.
أما الصورة المرفقة، فهي قديمة، وتعود إلى يناير 2006، حيث نُشرت بعنوان “رجل مجروح يضع ضمادة على رأسه”. كما أنها متاحة عبر عدة مواقع مختصة ببيع وتحميل الصور، وتُستخدم لأغراض إعلامية متنوعة، مثل الأخبار والتقارير المتعلقة بالإصابات والجروح.
علاوة على ذلك، سبق أن استُخدمت الصورة في عدة سياقات، أبرزها تقرير نُشر على موقع DW الألمانية عام 2015، تناول نصائح و إرشادات لمعالجة الحروق.
بناءً على ما سبق، يتضح أن الصورة المتداولة لا ترتبط بالادعاء الحديث، بل استُخدمت سابقًا في سياقات مختلفة .
وكانت منصة التقنية من أجل السلام قد عملت على نفس الادعاء سابقا ويمكن إيجاده هنا
سياق سياسي واجتماعي يعيد تشكيل صورة النساء
يتزامن انتشار الادعاءات المضللة التي تُظهر النساء كمعتديات في قضايا عنف مع تصاعد خطاب رسمي في ليبيا يركّز على الأدوار المجتمعية والأخلاقية للنساء. ففي نوفمبر 2024، أعلن وزير الداخلية عماد الطرابلسي نيّة تفعيل شرطة الآداب، وتطبيق قيود تتعلق بالحجاب وسفر النساء، وهو ما أثار موجة من النقاشات والانقسامات في الرأي العام.
وقد ساهم هذا التصعيد في خلق بيئة متوترة تُسهّل تداول محتوى يعيد تشكيل صورة النساء في الفضاء العام، سواء من خلال تضخيم حالات فردية أو عبر نشر روايات زائفة أو مضللة.
وفي هذا السياق، أنتجت “هي تتحقق” بالتعاون مع الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي تقريرًا خاصًا وثّق تأثير هذه التصريحات على النساء في ليبيا، بما في ذلك رصد عدد من حالات العنف التي تعرضت لها نساء في أعقاب تصاعد هذا الخطاب.