التلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري لا علاقة له بالعقم

بدرة دبابي-هي تتحقق

تزامنًا مع انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، التي أطلقتها وزارة الصحة التونسية يوم 7 مارس 2025 وبدأ تنفيذها فعليًا في 7 أبريل 2025، شهدت منصة فيسبوك تصاعدًا في الجدل حول اللقاح، انطلق أساسًا من منشورات عدد من الأفراد، بينهم معالجون وكيميائيون، وتوسّع لاحقًا ليشمل مؤثرين ونشطاء تونسيين. وقد تباينت الآراء بين داعمين للتلقيح ورافضين له، مما وفّر بيئة خصبة لانتشار معلومات مضللة، من أبرزها الربط بين اللقاح والعقم.

حملات التشكيك والمعلومات المضللة:

على رأس الأصوات المعارضة ندى عفاس التي تعرف نفسها كمعالجة بالحجامة والعلق وسم النحل.

حيث دعت بتاريخ 6/04/2025  في مقطع فيديو إلى رفض التلقيح، معتبرة إياه “جزءًا من مخطط للقضاء على نسل المسلمين بالإضافة إلى أنه جزء من مخطط غربي للوصول إلى المليار الذهبي،” على حد تعبيرها. 

وقد لاقى المقطع  انتشارًا واسعًا على وسائل التواصل، ويمكن الاطلاع عليه  هنا و هنا و هنا

وقد شاركت الدكتورة ندى عفاس وثائق لرفض تلقيح البنات يمكن اعتمادها من قبل الأولياء لتجنب فرض التلقيح على بناتهم ووقع تداول الوثائق من قبل صفحات أخرى، و يمكنكم الاطلاع على الوثائق هنا و هنا وهنا و هنا.   

في السياق ذاته، تم تداول ادعاء آخر يربط بين التلقيح وسعي مزعوم للقضاء على “نسل المسلمين”، ويدعو الأولياء إلى الامتناع عن تلقيح بناتهم. ويمكن الاطلاع على الادعاء هنا

في سياق متصل، ظهر محتوى يشكك في سلامة التلقيح من خلال مقارنته بتجارب لقاح كوفيد-19، حيث نشر الكيميائي عزمي بالحاج أحمد فيديو على صفحة “الصامدون” بتاريخ 3/04/2025 يدعي فيه أن اللقاح جديد وخطر على المدى البعيد، وأن السلالات المستهدفة غير موجودة في تونس.

 ويمكن مشاهدة المقطع الذي حصد أكثر من 75 ألف مشاهدة من هنا

 موقف الجهات الطبية الرسمية:

صرّحت سامية طرابلسي غويلم، عضوة المجلس الوطني لعمادة الأطباء، يوم 7 إبريل 2025، بأن العمادة شرعت في اتخاذ إجراءات تأديبية ضد طبيبة نشرت فيديوهات تشكك في سلامة اللقاح. 

كما أشارت غويلم إلى فيديوهات أخرى لأشخاص يدّعون أنهم أطباء، يحثون الأولياء على عدم تلقيح بناتهم. وأكدت في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء بأن اللقاح يتمتع بنفس معايير السلامة والفعالية والجودة كبقية اللقاحات المعتمدة في البرنامج الوطني للتلقيح

تفنيد علمي للادعاءات الأكثر تداولًا حول اللقاح” تتضمن ردا من جهات موثوقة ودراسات علمية حول اللقاح وإمكانية أن يسبب العقم:

أظهرت دراسة علمية نُشرت بعنوان “لا توجد علاقة بين تلقي لقاح فيروس الورم الحليمي البشري والعقم لدى النساء الأمريكيات بين 18 و33 عامًا”، أنه لا يوجد رابط بين هذا اللقاح والعقم. الدراسة حللت بيانات من المسح الوطني الأمريكي للصحة والتغذية (NHANES) بين عامي 2013 و2016، وشملت 1,114 امرأة تتراوح أعمارهن بين 20 و33 عامًا.

بحسب النتائج، أبلغت 8.1% من النساء المشاركات عن معاناتهن من العقم، بينما بلغت نسبة النساء اللواتي تلقين لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) 36.2%. وبعد الأخذ بعين الاعتبار العوامل الاجتماعية والصحية والديموغرافية، لم يجد الباحثون أي دليل على وجود علاقة إحصائية بين تلقي اللقاح والإصابة بالعقم. خلصت الدراسة إلى أن تلقي لقاح HPV لا يؤدي إلى العقم لدى النساء في الولايات المتحدة. رابط الدراسة

كما أكدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في تحديث نُشر بتاريخ 6 مارس 2025، أنه لا يوجد أي دليل علمي يُثبت أن لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري تسبب مشاكل في الخصوبة لدى النساء، بما في ذلك حالة “قصور المبيض المبكر” (POI). رابط المصدر

الفرق بين لقاح HPV ولقاحات كوفيد-19

في سياق الجدل حول لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، أشار الكيميائي عزمي بالحاج أحمد إلى إمكانية وجود آثار طويلة المدى غير معروفة للقاح، مشبهًا ذلك بما أثير حول لقاحات كوفيد-19. لكن من المهم توضيح أن لقاحات HPV، مثل Gardasil 4-valent و9-valent، خضعت لتجارب سريرية طويلة الأمد قبل اعتمادها، واستُخدمت منذ أكثر من عقد في دول متعددة، مع سجل أمان موثق ومراقبة مستمرة. هذا ما تؤكده مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). رابط المصدر

أما لقاحات كوفيد-19، فقد تم تطويرها بسرعة كبيرة عام 2020 نظرًا للظروف الطارئة التي فرضتها الجائحة، وحصلت على تراخيص الاستخدام خلال أقل من عام. ورغم أن ذلك مثّل إنجازًا علميًا كبيرًا، إلا أنه اعتمد على تقنيات حديثة مثل تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA)، في حين أن لقاحات HPV طُورت باستخدام تقنيات تقليدية أثبتت فعاليتها واستقرارها عبر الزمن. رابط توضيحي

وفي تصريح إذاعي بتاريخ 8 أبريل 2025، أوضح الدكتور خالد ناجي، رئيس الجمعية التونسية لأمراض النساء والتوليد، أن لقاح HPV مُعتمد منذ عام 2006، وقد جُرّب في دول متقدمة مثل النرويج، حيث ساعد في الوقاية من سرطان عنق الرحم بنسبة تصل إلى 80%. كما أكد أن الطريقة التي أُنتج بها هذا اللقاح تختلف عن لقاحات كوفيد-19، مشيرًا إلى أن تونس تسجل سنويًا حوالي 400 إصابة بفيروس HPV، و200 إلى 300 حالة وفاة مرتبطة به. رابط المداخلة

وتدعم منظمة الصحة العالمية هذه المعطيات، إذ تؤكد أن لقاح HPV آمن وفعّال، وتوصي باستخدامه للوقاية من سرطان عنق الرحم. وقد تم اعتماده في أكثر من 100 دولة، وتُظهر مراجعات السلامة أنه لا يسبب سوى آثار جانبية بسيطة مشابهة لأي لقاح آخر. رابط الورقة

المعطيات العلمية حول HPV في تونس:

أظهرت دراسة وطنية أجراها معهد باستور بين ديسمبر 2012 وديسمبر 2014، ونُشرت سنة 2022، أن معدل انتشار فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) في تونس بلغ 7.8%، أي تم رصد الفيروس لدى 96 امرأة من بين 1229 مشاركة في الدراسة. وسُجلت أعلى نسبة انتشار في منطقة تونس الكبرى بنسبة 13.1%. كما بيّنت الدراسة أن الأنواع الجينية الأكثر شيوعًا في البلاد هي HPV31 و16 و59، إلى جانب حالات إصابة بـHPV18، وهو ما يُفند الادعاءات التي تقول إن هذه السلالات غير موجودة في تونس. رابط الدراسة

وفي تقرير نُشر عام 2023، أوضح معهد باستور أن حوالي 80% من البالغين يُصابون بفيروس HPV خلال حياتهم، خاصة الأنواع التي تنتقل عبر الاتصال الجنسي وتُصيب الأغشية المخاطية. وتُكتشف العدوى لدى واحدة من كل ثلاث شابات في سن المراهقة أو أوائل العشرينات، وغالبًا ما تكون مؤقتة ولا تظهر لها أعراض، وتختفي من تلقاء نفسها. لكن في 3% إلى 10% من الحالات، تستمر العدوى وقد تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، من أبرزها سرطان عنق الرحم. للاطلاع على المزيد حول هذا الموضوع من حيث الأسباب والأعراض وطرق الوقاية والعلاج، يمكن الرجوع إلى موقع معهد باستور

كما تُظهر بيانات “Google Trends” أن موضوع “سرطان عنق الرحم” كان من بين أكثر المواضيع بحثًا في تونس بين 5 و7 أفريل 2025، أي قبل يومين من انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح، ما يعكس تزايد اهتمام الجمهور بالموضوع نتيجة التغطية الإعلامية والنقاشات العامة حول اللقاح.

لقطة شاشة لبيانات جوجل تراند أخذت بتاريخ 07/04/2025

وبالنظر لكل ما سبق يمكننا أن نقول إن الادعاءات المتداولة حول ربط التلقيح بالعقم : مضللة    

WhatsApp
Telegram
Twitter
Facebook

مقالات متشابهة

لا صحة لوفاة صاحبة فيديو ” لم أكل منذ 5 أيام”

لا صحة لادعاء العثور على جثة طبيبة ملقاة في شواطئ بنغازي

المقطع الذي قيل إنه لظهور عائشة القذافي مزيف

لا دليل علمي على أن ربات البيوت يؤدين 17 وظيفة أو أن عملهن يساوي 54,000 دولار سنويًا