كيف يضللنا الذكاء الاصطناعي بمظهر زائف؟

آمنة الشطشاط / هالة بوشعالة – هي تتحقق 

إنّ صّورة ” قبل وبعد ” تقف وراءها الإرادة الحقيقيّة كأعظم قوّة للتغيير المذهل الذي يمكن أن يحققه الإنسان عندما يقرر أن يبدأ، ولهذا التغيير ( التحوّل من البدانة إلى الرشاقة ) تأثير إيجابي على الصحة الجسدية والنفسية.

في هذا السياق تداولت إحدى صفحات موقع فيسبوك صّورة تظهر فتاة كانت بدينة ثم أصبحت رشيقة في غضون ثلاثة أشهر بالتّمارين و اتّباع نظام غذائي.

جاء في نص الادّعاء ما يلي:

” نجاح الجازوي .. من بنغازي الفرق بين الصوورتين 3 أشهر فقط … بالتمارين وإتباع برنامج غذائي. “

صورة يظهر فيها الادعاء المتداول

ويمكن إيجاد الادّعاء هنا

إلا أن هذا الادعاء زائف.

البحث والتحقق من الادّعاء أرشد إلى أن هذه الصورة تمّ نشرها عبر حساب المؤثرة المصرية سلى ناجي على منصة تيكتوك التي أشارت بوضوح لكون صورة قبل مولدة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ومعلقة على المقطع الذي نشرته قالت ناجي”

 “دا فيديو هزار تماما ومتخيلتش يتشاف بالشكل دا والصورة الاولي دي طبعا ذكاء اصطناعي.. الناس اللي بتشجعني والله انتوا طلعتوا اطيب من chatgpt اللي عملي الصورة 😍 “

صورة ملتقطة من حساب المؤثرة سلمى محمود على تيكتوك

هذا كما رصد فريقنا استخدام الصورة في اطار الترويج لمنتجات ترتبط بالنحافة داخل بعض المجموعات المغلقة النسائية التي أشارت إلى إمكانية الوصول لنتيجة شبيهة باستخدام إحدى منتجات التحنيف المعروفة.

صورة ملتقطة من الشاشة لترويج منتجات تنحيف في إحدى المجموعات النسائية الليبية المغلقة.

نحافة زائفة يتم الترويج لها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي

إن انتشار هذه الصّورة جاء ضمن موجة متصاعدة شهدناها مؤخرًا، تعتمد على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوليد صور تروّج لمثالية جسديّة زائفة تمجّد النحافة، ومن أمثلة ذلك تجربة هذه المؤثرة عبر حسابهما الرسمي على موقع تيكتوك .

صورة ملتقطة من الشاشة من حساب المؤثرة سيلين التي ضللت متابعيها بصور مولدة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي تدعي أنها صور سمنة سابقة لها

 

وبينما استطاع كثيرون تمييز زيف هذه التجربة، أظهر الرّصد الدّقيق لردود أفعال المتابعين/ت وقوع العديد منهم في فخ تصديق هذه المنشورات.

الذكاء الاصطناعي والمشاهير شيماء سيف نموذجًا 

وفي سيّاق متصل، انتشر ادّعاء على موقع فيسبوك حول الممثلة المصرية شيماء سيف يُظهر مجموعة صّور لها وقد أصبحت رشيقة.

وجاء في نص الادّعاء ما يلي:

” شيماء سيف بعد ماخست بقت قمررر ❤️❤️❤️❤️❤️❤️ “

صورة ملتقطة من الشاشة تظهر فيها صور قيل إنها تظهر الفنانة النصرؤة شيماء سيف

إلا أنّ هذا الادّعاء أيضا زائف.

حيث  أكدت الممثلة المصرية شيماء سيف عبر منشور ساخر على حسابها على فيسبوك أن الصور مولدة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي قائلة:

” يالها من مزة جميلة انه ال AI ياسادة وداعا للمجهود واهلا بالرحرحة 😎 “

صورة ملتقطة من الشاشة من حساب الممثلة المصرية شيماء سيف

الذكاء الاصطناعي التوليدي وتعديل الصور:

يعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على خوارزميات متقدمة قادرة على تحليل وتنظيم كميات ضخمة من البيانات، وتحويلها إلى مجموعات معلوماتية ذات دلالات، بهدف إنتاج محتوى جديد كالنصوص والصور والمقاطع الصوتية. ويعمل هذا النوع من الذكاء على مرحلتين: الأولى، تشفير البيانات ضمن نموذج يُعرف بـ”فضاء المتجهات”، حيث تُرتب نقاط البيانات بناءً على علاقاتها المتبادلة. أما الثانية، فهي توليد المحتوى عبر استدعاء السياقات الأنسب لتلك التبعيات بهدف إنشاء استجابة جديدة ومقنعة.

ومن أبرز تطبيقاته، تقنيات تعديل الصور التي تعيد تشكيل ملامح الوجه والجسد لمحاكاة معايير “الجمال المثالي”. فمثلاً، تتيح تقنية Deepfake Lite تعديل ملامح الوجه أو الجسم دون ترك آثار مرئية واضحة، بينما تسمح تقنية Face Reshaping بإعادة تصميم تفاصيل الوجه رقميًا مثل تنحيف الذقن أو إبراز الخدين. أما Body Modification، فتعتمد على خوارزميات تُعيد نحت الجسد ليبدو أكثر نحافة أو طولًا أو انسجامًا.

وتوفر تطبيقات شهيرة مثل FaceApp وRemini وBody Tune أدوات سهلة الاستخدام لتجميل الصور. FaceApp تمنح ملامح مشرقة وبشرة خالية من العيوب، في حين تركز Remini على تحسين دقة الصورة، وتقوم Body Tune بتعديل شكل الجسم بما يضفي عليه رشاقة وهمية. ورغم واقعية هذه الصور، إلا أنها لا تمثل الحقيقة، بل هي نماذج رقمية مصمّمة خصيصًا لتبدو مثالية في أعين المتلقين.

 

ما هو المعدّل الطبيعي لفقدان الوزن شهريًا؟

في حديث أجريناه مع الدكتورة مايا الفيتوري، أخصائية التغذية العلاجية والرياضية ومديرة مركز “دكتور سنتر”، أوضحت أن المعدّل الصحي لفقدان الوزن يتراوح بين 2 إلى 4 كيلوغرامات شهريًا، أي ما يعادل 0.5 إلى 1 كيلوغرام أسبوعيًا. وبيّنت أن هذا النطاق يضمن فقدان الدهون بدلًا من الكتلة العضلية أو السوائل، مما يحدّ من مخاطر الإرهاق والترهلات، ويساعد في الحفاظ على توازن الهرمونات، خاصة لدى النساء.

وحول سؤالنا عن المدة التي تحتاجها المرأة للوصول إلى الوزن المثالي كما ظهر في الصورة التي عملنا على التحقق منها في هذا التقرير، أجابت د. الفيتوري بأن الأمر يختلف من شخص لآخر ويعتمد على مجموعة من العوامل، من بينها:

1. الوزن الحالي مقابل الوزن المستهدف:
كلما كان الفارق بين الوزن الحالي والوزن المطلوب أكبر، استغرق الوصول إلى الهدف وقتًا أطول. على سبيل المثال، شخص يزن 100 كجم ويطمح للوصول إلى 70 كجم، قد يحتاج إلى 6 إلى 12 شهرًا وفقًا لمدى التزامه بالبرنامج الغذائي والرياضي.

2. نوع البرنامج المتبع:
الاعتماد على نظام غذائي متوازن، إلى جانب تمارين منتظمة (مثل تمارين القوة والكارديو)، يُعدّ العامل الأهم في تحقيق نتائج مستدامة. وفقدان الوزن بمعدل نصف إلى كيلوغرام أسبوعيًا هو الأفضل للحفاظ على الكتلة العضلية والحد من الترهل.

3. العوامل الهرمونية والوراثية:
بعض الحالات الصحية، مثل تكيس المبايض أو مقاومة الإنسولين، قد تؤثر على سرعة فقدان الوزن وتجعله أبطأ من المعتاد.

4. الانضباط والاستمرارية:
الجسم يحتاج وقتًا للتكيف مع التغييرات، ولا يحدث فقدان الوزن بوتيرة ثابتة أسبوعيًا. قد تمر أسابيع بدون تغيّر واضح في الميزان، لكن الاستمرارية هي المفتاح.

مثال تقريبي:
إذا رغبت امرأة بخسارة 20 كيلوغرامًا بطريقة صحية، ونجحت في فقدان كيلو واحد أسبوعيًا، ستحتاج إلى نحو 5 أشهر. أما إذا كان المعدل نصف كيلو أسبوعيًا، فقد تمتد المدة إلى 8 أو 9 أشهر.

مختصة نفسية: صورة الجسم السلبية تتفاقم بفعل التسويق الرقمي للنتائج المثالية

ترى الأستاذة مريم البدري، المختصة في العلاج النفسي، أن ما يُعرف بـ”صورة الجسم السلبية” – خصوصًا النظرة السائدة للوزن الزائد كأمر غير مقبول وفق معايير الجمال الحالية – تؤثر بشكل مباشر على تقدير الذات لدى النساء. وأكدت أن كثيرًا من السيدات يشعرن بأن مظهرهن الجسدي يُقيد حياتهن، ويمنعهن من الوصول إلى مشاعر الرضا والقبول الذاتي، مما يخلق معاناة نفسية عميقة قد لا يتم الإفصاح عنها علنًا.

وتشير البدري إلى أن الترويج الرقمي المفرط لصورة “الجسم المثالي” عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي يزيد من هذه الضغوط النفسية. فالتطبيقات التي تُعدّل ملامح الوجه والجسم لتُظهر الأشخاص أكثر نحافة أو “تناسقًا” باتت تُستخدم على نطاق واسع في الحملات التسويقية، ما يُروّج لنتائج سريعة ومثالية في خسارة الوزن، دون مراعاة للفروق الفردية أو للواقعية الصحية.

وتضيف: “هذه الصور المصنوعة رقميًا تُقدم للنساء نموذجًا غير حقيقي، وتجعل الكثيرات يشعرن أنهن لا يرتقين لمعايير الجمال المفروضة رقميًا، ما يُعزز مشاعر العجز، والرفض الذاتي، والدونية”. كما أوضحت أن بعض النساء يلجأن للعزلة وتجنب التفاعل الاجتماعي خشية التعرض للمقارنة أو التنمر، مما يفاقم من تدهور صحتهن النفسية، وقد يصل الأمر بهن إلى جلد الذات والشعور بأن وجودهن غير فعّال أو غير مرغوب فيه.

وتقول مريم ختاما “إن مواجهة هذه الموجة الرقمية تتطلب التوعية بمخاطر الصور المعدلة، وترسيخ ثقافة القبول الذاتي، مع التأكيد على أن الصحة الجسدية والنفسية الحقيقية لا تُقاس بالصور، بل بالعناية بالنفس وبالالتزام بأساليب حياة صحية ومتوازنة”.

 

 

WhatsApp
Telegram
Twitter
Facebook

مقالات متشابهة

لا صحة لادعاء إصابة 40 شابًا بالإيدز على يد فتاة مختبئة في مزرعة بليبيا

مقطع المظاهرة النسائية لم يصور في طرابلس بليبيا

الخبر المتداول عن استقالة وزيرة العدل “حليمة البوسيفي” زائف

الصورة المتداولة لطفلة معنفة لا تعود لطفلة تونسية بل لطفلة مصرية